الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: في ظلال القرآن (نسخة منقحة)
وحين ندرك طبيعة هذه النشأة وأسرارها الفطرية؛ وندرك معها طبيعة هذا الدين وطبيعة منهجه الحركي- على ما بينا في مقدمة سورة الأنفال في الجزء التاسع- ندرك معه مدلولات هذه النصوص والأحكام التي نواجهها في ختام هذه السورة، في تنظيم المجتمع المسلم وتنظيم علاقاته مع المؤمنين المهاجرين المجاهدين- بطبقاتهم- والذين آووا ونصروا؛ وعلاقاته مع الذين آمنوا ولم يهاجروا؛ وعلاقاته مع الذين كفروا.. إنها كلها تقوم على أساس ذلك الفقه بطبيعة النشأة العضوية الحركية للمجتمع الإسلامي.ونستطيع الآن أن نواجه هذه النصوص والأحكام الواردة فيها:{إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق والله بما تعملون بصير والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير}..لقد انخلع كل من قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله في مكة من الولاء لأسرته، والولاء لعشيرته، والولاء لقبيلته، والولاء لقيادته الجاهلية الممثلة في قريش؛ وأعطى ولاءه وزمامه لمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وللتجمع الصغير الناشئ الذي قام بقيادته. في حين وقف المجتمع الجاهلي يدفع عن وجوده الذاتي خطر هذا التجمع الجديد- الخارج عليه حتى قبل اللقاء في المعركة الحربية- يحاول سحق هذا التجمع الوليد في نشأته.عندئذ آخى رسول الله- صلى الله عليه وسلم بين أعضاء هذا التجمع الوليد.. أي أنه حول هؤلاء الأفراد الآتين من المجتمع الجاهلي أفراداً، إلى مجتمع متكافل، تقوم رابطة العقيدة فيه مقام رابطة الدم والنسب؛ ويقوم الولاء لقيادته الجديدة مقام الولاء للقيادة الجاهلية، ويقوم الولاء فيه للمجتمع الجديد مقام كل ولاء سابق.ثم لما فتح الله للمسلمين دار الهجرة في المدينة؛ بعد أن وجد فيها مسلمون بايعوا القيادة الإسلامية على الولاء المطلق، والسمع والطاعة في المنشط والمكره، وحماية رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يحمون منه أموالهم وأولادهم ونساءهم؛ وقامت الدولة المسلمة في المدينة بقيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد رسول الله فآخى بين المهاجرين والأنصار تلك المؤاخاة التي تقوم مقام رابطة الدم والنسب كذلك بكل مقتضياتها. بما في ذلك الإرث والديات والتعويضات التي تقوم بها رابطة الدم في الأسرة والعشيرة.. وكان حكم الله تعالى:{إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض}..أولياء في النصرة، وأولياء في الإرث، وأولياء في الديات والتعويضات وسائر ما يترتب على رابطة الدم والنسب من التزامات وعلاقات.ثم وجد أفراد آخرون دخلوا في هذا الدين عقيدة؛ ولكنهم لم يلتحقوا بالمجتمع المسلم فعلاً.. لم يهاجروا إلى دار الإسلام التي تحكمها شريعة الله وتدبر أمرها القيادة المسلمة؛ ولم ينضموا إلى المجتمع المسلم الذي أصبح يملك داراً يقيم فيها شريعة الله؛ ويحقق فيها وجوده الكامل؛ بعدما تحقق له وجوده في مكة نسبياً، بالولاء للقيادة الجديدة والتجمع في تجمع عضوي حركي، مستقل ومنفصل عن المجتمع الجاهلي ومواجه له بهذا الوجود المستقل المميز.وجد هؤلاء الأفراد سواء في مكة، أو في الأعراب حول المدينة. يعتنقون العقيدة، ولكنهم لا ينضمون للمجتمع الذي يقوم على هذه العقيدة؛ ولا يدينون فعلاً دينونة كاملة للقيادة القائمة عليه..وهؤلاء لم يعتبروا أعضاء في المجتمع المسلم؛ ولم يجعل الله لهم ولاية- بكل أنواع الولاية- مع هذا المجتمع، لأنهم بالفعل ليسوا من المجتمع الإسلامي. وفي هؤلاء نزل هذا الحكم:{والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق}..وهذا الحكم منطقي ومفهوم مع طبيعة هذا الدين- التي أسلفنا- ومع منهجه الحركي الواقعي. فهؤلاء الأفراد ليسوا أعضاء في المجتمع المسلم؛ ومن ثم لا تكون بينهم وبينه ولاية.. ولكن هناك رابطة العقيدة؛ وهذه لا ترتب- وحدها- على المجتمع المسلم تبعات تجاه هؤلاء الأفراد؛ اللهم إلا أن يعتدى عليهم في دينهم؛ فيفتنوا مثلاً عن عقيدتهم.فإذا استنصروا المسلمين- في دار الإسلام- في مثل هذا، كان على المسلمين أن ينصروهم في هذه وحدها. على شرط ألا يخل هذا بعهد من عهود المسلمين مع معسكر آخر. ولو كان هذا المعسكر هو المعتدي على أولئك الأفراد في دينهم وعقيدتهم! ذلك أن الأصل هو مصلحة المجتمع المسلم وخطته الحركية وما يترتب عليها من تعاملات وعقود. فهذه لها الرعاية أولاً، حتى تجاه الاعتداء على عقيدة أولئك الذين آمنوا، ولكنهم لم ينضموا للوجود الفعلي لهذا الدين المتمثل في التجمع الإسلامي... وهذا يعطينا مدى الأهمية التي يعلقها هذا الدين على التنظيم الحركي الذي يمثل وجوده الحقيقي..والتعقيب على هذا الحكم:{والله بما تعملون بصير}..فكل عملكم تحت بصره- سبحانه- يرى مداخله ومخارجه، ومقدماته ونتائجه، وبواعثه وآثاره.وكما أن المجتمع المسلم مجتمع عضوي حركي متناسق متكافل متعاون يتجمع في ولاء واحد، فكذلك المجتمع الجاهلي:{والذين كفروا بعضهم أولياء بعض}..إن الأمور بطبيعتها كذلك- كما أسلفنا. إن المجتمع الجاهلي لا يتحرك كأفراد؛ إنما يتحرك ككائن عضوي، تندفع أعضاؤه، بطبيعة وجوده وتكوينه، للدفاع الذاتي عن وجوده وكيانه. فهم بعضهم أولياء بعض طبعاً وحكماً.. ومن ثم لا يملك الإسلام أن يواجههم إلا في صورة مجتمع آخر له ذات الخصائص، ولكن بدرجة أعمق وأمتن وأقوى. فأما إذا لم يواجههم بمجتمع ولاؤه بعضه لبعض، فستقع الفتنة لأفراده من المجتمع الجاهلي- لأنهم لا يملكون مواجهة المجتمع الجاهلي المتكافل أفراداً- وتقع الفتنة في الأرض عامة بغلبة الجاهلية على الإسلام بعد وجوده. ويقع الفساد في الأرض بطغيان الجاهلية على الإسلام؛ وطغيان ألوهية العباد على ألوهية الله؛ ووقوع الناس عبيداً للعباد مرة أخرى. وهو أفسد الفساد:{إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير}..ولا يكون بعد هذا النذير نذير، ولا بعد هذا التحذير تحذير.. والمسلمون الذين لا يقيمون وجودهم على أساس التجمع العضوي الحركي ذي الولاء الواحد والقيادة الواحدة، يتحملون أمام الله- فوق ما يتحملون في حياتهم ذاتها- تبعة تلك الفتنة في الأرض، وتبعة هذا الفساد الكبير.ثم يعود السياق القرآني ليقرر أن الإيمان الحق إنما يتمثل في هذه الصورة:{والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقاً لهم مغفرة ورزق كريم}..أولئك هم المؤمنون حقاً.. فهذه هي الصورة الحقيقية التي يتمثل فيها الإيمان.. هذه هي صورة النشأة الحقيقية والوجود الحقيقي لهذا الدين.. إنه لا يوجد حقيقة بمجرد إعلان القاعدة النظرية؛ ولا بمجرد اعتناقها؛ ولا حتى بمجرد القيام بالشعائر التعبدية فيها.. إن هذا الدين منهج حياة لا يتمثل في وجود فعلي، إلا إذا تمثل في تجمع حركي.أما وجوده في صورة عقيدة فهو وجود حكمي، لا يصبح (حقاً) إلا حين يتمثل في تلك الصورة الحركية الواقعية..وهؤلاء المؤمنون حقاً، لهم مغفرة ورزق كريم.. والرزق يذكر هنا بمناسبة الجهاد والإنفاق والإيواء والنصرة وتكاليف هذا كله.. وفوقه المغفرة وهي من الرزق الكريم. بل هي أكرم الرزق الكريم.ثم يلحق بالطبقة الأولى من المهاجرين المجاهدين، كل من يهاجر بعد ذلك ويجاهد- وإن كانت للسابقين درجتهم كما تقرر النصوص القرآنية الأخرى- إنما هذا إلحاق في الولاء والعضوية في المجتمع الإسلامي:{والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم}..ولقد ظل شرط الهجرة قائماً حتى فتح مكة؛ حين دانت أرض العرب للإسلام ولقيادته، وانتظم الناس في مجتمعه. فلا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد وعمل. كما قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم غير أن ذلك إنما كان في جولة الإسلام الأولى التي حكم فيها الأرض ألفا ومائتي عام تقريباً؛ لم ينقطع فيها حكم شريعة الإسلام، وقيام القيادة المسلمة على شريعة الله وسلطانه.. فأما اليوم وقد عادت الأرض إلى الجاهلية؛ وارتفع حكم الله- سبحانه- عن حياة الناس في الأرض، وعادت الحاكمية إلى الطاغوت في الأرض كلها، ودخل الناس في عبادة العباد بعد إذ أخرجهم الإسلام منها.. الآن تبدأ جولة جديدة أخرى للإسلام- كالجولة الأولى- تأخذ- في التنظيم- كل أحكامها المرحلية، حتى تنتهي إلى إقامة دار إسلام وهجرة؛ ثم تمتد ظلال الإسلام مرة أخرى- بإذن الله- فلا تعود هجرة ولكن جهاد وعمل؛ كما حدث في الجولة الأولى..ولقد كانت لفترة البناء الأولى للوجود الإسلامي أحكامها الخاصة، وتكاليفها الخاصة.. قام الولاء في العقيدة مقام الولاء في الدم، في كل صوره وأشكاله، وفي كل التزاماته ومقتضياته. بما في ذلك الإرث والتكافل في الديات والمغارم.. فلما أن استقر الوجود الإسلامي بيوم الفرقان في بدر عدلت أحكام تلك الفترة الاستثنائية اللازمة لعملية البناء الأولى، المواجهة لتكاليفها الاستثنائية. وكان من هذه التعديلات عودة التوارث والتكافل في الديات وغيرها إلى القرابة- ولكنه في إطار المجتمع المسلم في دار الإسلام:{وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله}..فلا بأس بعد استقرار الوجود الفعلي للإسلام، من أولوية ذوي القربى في داخل الإطار العام.. إن هذا يلبي جانباً فطرياً في النفس الإنسانية. ولا ضرر من تلبية المشاعر الفطرية في النفس الإنسانية، ما دام أن ليس هناك ما يعارض هذه المشاعر من تكاليف الوجود الإسلامي.. إن الإسلام لا يحطم المشاعر الفطرية؛ ولكنه يضبطها. يضبطها لتستقيم مع الحاجات العليا للوجود الإسلامي؛ فمتى انقضت هذه الحاجات عاد يلبيها- في إطاره العام.ومن ثم تكون لبعض الفترات الاستثنائية في الحركة تكاليفها الخاصة، التي ليست واردة في الأحكام النهائية للإسلام، التي تحكم المجتمع الإسلامي المستقر الآمن في حياته العادية.. وكذلك ينبغي أن نفقه تكاليف مرحلة البناء الأولى؛ وطبيعة الإسلام العامة وأحكامه الأخرى..{إن الله بكل شيء عليم}..وهو التعقيب المناسب على هذه الأحكام والتنظيمات والمشاعر، وتداخلها وتنظيمها وتنسيقها. فهي من العلم المحيط بكل شيء. علم الله تعالى..وبعد فإن الإسلام- وهو يبني الأمة المسلمة على هذه القاعدة وفق هذا المنهج؛ ويقيم وجودها على أساس التجمع العضوي الحركي؛ ويجعل آصرة هذا التجمع هي العقيدة- إنما كان يستهدف إبراز إنسانية الإنسان وتقويتها وتمكينها، وإعلاءها على جميع الجوانب الأخرى في الكائن الإنساني. وكان يمضي في هذا على منهجه المطرد في كل قواعده وتعليماته وشرائعه وأحكامه..إن الكائن الإنساني يشترك مع الكائنات الحيوانية- بل الكائنات المادية- في صفات توهم أصحاب الجهالة العلمية! مرة بأنه حيوان كسائر الحيوان؛ ومرة بأنه مادة كسائر المواد! ولكن الإنسان مع اشتراكه في هذه الصفات مع الحيوان ومع المادة له خصائص تميزه وتفرده؛ وتجعل منه كائناً فريداً- كما اضطر أصحاب الجهالة العلمية! أخيراً أن يعترفوا والحقائق الواقعة تلوي أعناقهم ليا، فيضطرون لهذا الاعتراف في غير إخلاص ولا صراحة!والإسلام- بمنهجه الرباني- يعمد إلى هذه الخصائص التي تميز الإنسان وتفرده بين الخلائق، فيبرزها وينميها ويعليها.. وهو حين يجعل آصرة العقيدة هي قاعدة التجمع العضوي الحركي، التي يقيم على أساسها وجود الأمة المسلمة، إنما يمضي على خطته تلك. فالعقيدة تتعلق بأعلى ما في الإنسان من خصائص..إنه لا يجعل هذه الآصرة هي النسب، ولا اللغة، ولا الأرض، ولا الجنس، ولا اللون، ولا المصالح، ولا المصير الأرضي المشترك.. فهذه كلها أواصر يشترك فيها الحيوان مع الإنسان. وهي أشبه شيء وأقرب شيء إلى أواصر القطيع، وإلى اهتمامات القطيع، وإلى الحظيرة والمرعى والثغاء الذي يتفاهم به القطيع! أما العقيدة التي تفسر للإنسان وجوده، ووجود هذا الكون من حوله تفسيراً كلياً؛ كما تفسر له منشأ وجوده ووجود الكون من حوله، ومصيره ومصير الكون من حوله؛ وترده إلى كائن أعلى من هذه المادة وأكبر وأسبق وأبقى، فهي أمر آخر يتعلق بروحه وإدراكه المميز له من سائر الخلائق، والذي ينفرد به عن سائر الخلائق؛ والذي يقرر إنسانيته في أعلى مراتبها؛ حيث يخلف وراءه سائر الخلائق.ثم إن هذه الآصرة- آصرة العقيدة والتصور والفكرة والمنهج- هي آصرة حرة؛ يملك الفرد الإنساني اختيارها بمحض إرادته الواعية. فأما أواصر القطيع تلك فهي مفروضة عليه فرضاً، لم يخترها ولا حيلة له كذلك فيها.إنه لا يملك تغيير نسبه الذي نماه؛ ولا تغيير الجنس الذي تسلسل منه؛ ولا تغيير اللون الذي ولد به. فهذه كلها أمور قد تقررت في حياته قبل أن يولد، لم يكن له فيها اختيار، ولا يملك فيها حيلة.. كذلك مولده في أرض بعينها، ونطقه بلغة بعينها بحكم هذا المولد، وارتباطه بمصالح مادية معينة ومصير أرضي معين- ما دامت هذه هي أواصر تجمعه مع غيره- كلها مسائل عسيرة التغيير؛ ومجال الإرادة الحرة فيها محدود.. ومن أجل هذا كله لا يجعلها الإسلام هي آصرة التجمع الإنساني.. فأما العقيدة والتصور والفكرة والمنهج، فهي مفتوحة دائماً للاختيار الإنساني، ويملك في كل لحظة أن يعلن فيها اختياره؛ وأن يقرر التجمع الذي يريد أن ينتمي إليه بكامل حريته؛ فلا يقيده في هذه الحالة قيد من لونه أو لغته أو جنسه أو نسبه، أو الأرض التي ولد فيها، أو المصالح المادية التي تتحول بتحول التجمع الذي يريده ويختاره... وهنا كرامة الإنسان في التصور الإسلامي..ولقد كان من النتائج الواقعية الباهرة للمنهج الإسلامي في هذه القضية؛ ولإقامة التجمع الإسلامي على آصرة العقيدة وحدها، دون أواصر الجنس والأرض واللون واللغة والمصالح الأرضية القريبة والحدود الإقليمية السخيفة! ولإبراز خصائص الإنسان في هذا التجمع وتنميتها وإعلائها، دون الصفات المشتركة بينه وبين الحيوان.. كان من النتائج الواقعية الباهرة لهذا المنهج أن أصبح المجتمع المسلم مجتمعاً مفتوحاً لجميع الأجناس والأقوام والألوان واللغات، بلا عائق من هذه العوائق الحيوانية السخيفة! وأن صبت في بوتقة المجتمع الإسلامي خصائص الأجناس البشرية وكفاياتها؛ وانصهرت في هذه البوتقة وتمازجت؛ وأنشأت مركباً عضوياً فائقاً في فترة تعد نسبياً قصيرة؛ وصنعت هذه الكتلة العجيبة المتجانسة المتناسقة حضارة رائعة ضخمة تحوي خلاصة الطاقة البشرية في زمانها مجتمعة. على بعد المسافات وبطء طرق الاتصال في ذلك الزمان.
|